مبادئ بودوفكين الخمسة للمونتاج
في العام 1920 كانت صناعة الأفلام لازالت في بدايتها، لكن شعبيتها كانت تتزايد ...
وبينما كانت هذه الصناعة تنمو، تسابق الممارسين لفهم هذه الصناعة المذهلة وكيف تعمل، وفي هذا الوقت لم يكن هناك أمثلة او تجارب سابقة يحتذى بها، ولم يكن هناك قواعد تحكم كيف تبدو اللقطة، وكيف للقطتين ما أن يتم معالجتها معا.
غير أن صانعي الأفلام الأوائل قد قاموا بعمل جيد في سبيل فهم هذه الصناعة الجديدة، وبنهاية العشرينيات من القرن الماضي كانت المبادئ الأساسية قد تم ترسيخها، ولازالت يعمل بها حتى الآن.
ولقد اكتشفت حديثا الرجل الروسي الذي يدعى فسيفولودبودوفكين الذي بدأ صناعة الأفلام في عام 1920، وبعد عدة سنوات ألف كتابا سماه "أسلوب صناعة الأفلام، وتمثيل الأفلام"، وأورد خمسة أساليب للمونتاج، ومن خلال قراءتك لهم، ستدرك أن هناك العديد من النصائح والتلميحات لازالت قابلة للاستخدام بعد مائة عام، من قبل الصحفيين الذين يستخدمون الفيديو لعرض المادة الصحفية.
مبادئ بودوفكين الخمسة
وصف بودوفكين طرقا عديدة للمونتاج، يمكن استخدامها لتحسين فهم المشاهد للقصة، وكلها تم تصميمها لخلق تفاعل محدد لدى المشاهد، وهو ما سماه المونتاج الارتباطي Relational Editing.
التباين
القطع بين سيناريوهين مختلفين لإلقاء الضوء على مقدار التباين بينهما، وكمثال، فقد اقترح بودوفكين الانتقال من مشاهد الفقر إلى مشهد يحتوي على شخص غني جدا لجعل الفرق بينهما واضحا.
التوازي
يمكننا أن نربط بين مشهدين يبدوان غير مرتبطين، بأن تنتقل بين المشهدين وتركز على الأمور المشتركة بينهما، فمثلا إذا كنت تصور فيلما وثائقيا عن حجم الموارد السمكية في الأطلنطي، يمكنك أن تنتقل بين مشهد مراكب الصيد التي تجوب المحيط، إلى إحدى العائلات التي تتناول وجبة من السمك وشرائح البطاطس، لافتا الانتباه إلى الأسماك في كلا المشهدين، وهو الشيء المشترك بينهما، وهذا يخلق علاقة في ذهن المشاهد.
الرمزية
مرة أخرى ننتقل بين مشهدك الرئيسي إلى شيء يخلق صلة رمزية للمشاهد/ فقد اقترح بودوفكين، الذي كان يعيش في روسيا السوفيتية، الانتقال بين مشهد عمال مضربين تتطلق الشرطة عليهم الرصاص ومشاهد لأبقار تذبح: في ذهن المشاهد، سينشأ ارتباط بين ذبح الأبقار وقتل العمال.
التزامن
هذا الأسلوب يستخدم كثيرا في هوليود، وهو الإنتقال بين مشهدين متزامنين لخلق جو من الترقب والتشويق، فإذا كنت تصنع فيلما عن أحد السياسيين ليلة الانتخابات، فيمكنك التنقل بين مشاهد عد الأصوات، والسياسي وهو يستعد لسماع النتيجة، وهذا يخلق نوعا من الترقب.
الجملة المتكررة
وهذا يتضمن إعادة أحد اللقطات في لحظات معينة كنوع من الترميز، وهذا ما فعله سبيلبرج حينما استخدم اللقطة المنظورية في فيلم الفك المفترس، والتي ينظر فيها القرش إلى من يسبحون في الماء، وعندما فعلها أول مرة، خلقت ترميزا يشير أن القرش على وشك الهجوم، وفي كل مرة نشاهد هذا المنظور تحت الماء نعلم أن هناك هجوما وشيكا.
هل يستطيع صحفيوا الفيديو استخدام هذه الأساليب؟
من الواضح أنه لسنا جميع نصنع أفلاما مليئة بالرمزية كما يفعل مخرجو الأفلام الروائية، وليس لدينا الوقت على الشاشة لبناء التوقعات خلال التنقل المتزامن بين المشاهد، ولكن الأساليب الخمسة لبودوفكين تخبرنا بشيء أكثر عمقا وقيمة عن الرواية البصرية.
ولأن الصوت لم يكن قد تم اختراعه عندما التقط الكاميرا لأول مرة كل من بودوفكين، وفريتزلانج، وأيزنستاين، فلقد استطاعوا تكوين فهم حقيقي للرواية البصرية، فلقد اضطروا إلى ذلك، فإذا لمن تكن تستطيع أن تروي قصة بالصور فقط، فإنك لن تستطيع روايتها، ولذلك فقد اخترعوا باستمرار سبلا لاستغلال الكاميرا، والمونتاج، والخلفيات، والأضواء ، لتوصيل الرسالة.
والذي صنعوه كان نوعا من الصور تحكي قصة، حيث يدعى المشاهدين إلى المشاركة في إيجاد الرسائل المخبأة وفك تشفيرها، وأعتقد أن هذا قد فقد في الجدال الدائر حول مستقبل الفيديو والصحافة، وربما في المهنة ككل، فبدلا من ذلك، نحن نعتمد على الحوار لنروي قصة، والأسوأ وضع الملصقات.
عندما نتجاوز الطريقة التقليدية في صناعة ريبوتاج، ونود أن يفهم المشاهد القصة ويهتم، فلابد أن نفهم أن الكاميرا التي في أيدينا هي أكثر من مراقب محايد، وأنها أداة فعالة تترك مرارا بدون استخدام.
التعليقات
كن اول من يقوم باضافة تعليق
اكتب تعليق